فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الحج: الآيات 75- 76]:

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمور (76)}.

.الإعراب:

{من الملائكة} متعلق بـ: {يصطفي}، وكذلك {من الناس}، {بصير} خبر ثان مرفوع جملة: {اللّه يصطفى } لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يصطفي } في محلّ رفع خبر المبتدأ {اللّه}.
وجملة: {إنّ اللّه سميع } لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تقريريّ- {ما} اسم موصول مفعول به في محلّ نصب {بين} ظرف منصوب متعلق بمحذوف صلة ما {ما خلفهم} مثل ما بين.. ومعطوف عليه الواو عاطفة {إلى اللّه} متعلق بـ المبنيّ للمجهول {ترجع}..
وجملة: {يعلم } لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {ترجع الأمور} لا محلّ لها معطوفة على جملة يعلم.

.الصرف:

{يصطفي}، فيه إبدال تاء الافتعال إلى طاء لمجيئها بعد الصاد، وأصله يصتفي.

.[سورة الحج: الآيات 77- 78]:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سَمَاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شهداء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}.

.الإعراب:

{يا أيّها الذين آمنوا} مثل يا أيّها الناس، الواو عاطفة في المواضع الثلاثة..
جملة: {يأيّها الذين } لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {آمنوا } لا محلّ لها صلة الموصول الذين.
وجملة: {اركعوا } لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {اسجدوا } لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة: {اعبدوا } لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة: {لعلّكم تفلحون} لا محلّ لها استئناف بيانيّ وجملة: {تفلحون} في محلّ رفع خبر لعلّكم.
الواو عاطفة {في اللّه} متعلق بـ: {جاهدوا} بحذف مضافين أي في إقامة دين اللّه {حق جهاده} مثل حقّ قدره، الواو عاطفة {ما} نافية {عليكم} متعلق بمحذوف مفعول به ثان عامله جعل {في الدين} متعلق بـ: {جعل}، {حرج} مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به أوّل عامله جعل {ملّة} مفعول به لفعل محذوف تقديره اتّبعوا، وعلامة الجرّ في {أبيكم} الياء {إبراهيم} عطف بيان لأبيكم مجرور وعلامة الجرّ الفتحة {المسلمين} مفعول به ثان عامله سمّاكم، وعلامة النصب الياء {قبل} اسم ظرفيّ مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ بحرف الجرّ متعلق بـ: {سمّاكم}، {في هذا} متعلق بـ: {سمّاكم}،
والإشارة إلى القرآن اللام لام التعليل يكون مضارع ناقص ناسخ منصوب بأن مضمرة بعد اللام {عليكم} متعلق بـ: {شهيدا}، {تكونوا} معطوف على يكون منصوب، وعلامة النصب حذف النون {على الناس} متعلق بـ: {شهداء}، الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر {باللّه} متعلق بـ: {اعتصموا}، الفاء استئنافيّة، والمخصوص بالمدح لفعلي المدح محذوف تقديره هو أي اللّه.
وجملة: {جاهدوا } لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة: {هو اجتباكم } لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {اجتباكم } في محلّ رفع خبر المبتدأ هو.
وجملة: {ما جعل } لا محلّ لها معطوفة على جملة هو اجتباكم.
وجملة: اتّبعوا {ملّة أبيكم } لا محلّ لها استئنافيّة بيانيّة.
وجملة: {هو سمّاكم } لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {سمّاكم } في محلّ رفع خبر المبتدأ هو.
وجملة: {يكون الرسول } لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أن المضمر.
والمصدر المؤوّل {أن يكون } في محلّ جرّ باللام متعلق بـ: سمّاكم.
وجملة: {تكونوا } لا محلّ لها معطوفة على صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة: {أقيموا } في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كنتم أهلا لهذه التسمية فأقيموا...
وجملة: {آتوا } في محلّ جزم معطوفة على جملة أقيموا.
وجملة: {اعتصموا } في محلّ جزم معطوفة على جملة أقيموا.
وجملة: {هو مولاكم } في محلّ نصب حال من لفظ الجلالة.
وجملة: {نعم المولى } لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {نعم النصير } لا محلّ لها معطوفة على جملة نعم المولى..

.الصرف:

{جهاد}، مصدر سماعيّ لفعل جاهد الرباعيّ، وزنه فعال بكسر الفاء، أمّا المصدر القياسيّ فهو مجاهدة وزنه مفاعلة بفتح الفاء وفتح العين.
{سمّاكم}، فيه إعلال بالقلب أصله سمّيكم، تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا وزنه فعّلكم.

.الفوائد:

- {وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
رفع الحرج في الإسلام:
اتخذ هذا العنوان بعض الأئمة المجتهدين أصلا من أصول الفقه في الإسلام، وقد استندوا في قرارهم هذا، إلى نصوص كثيرة مثبوته في القرآن الكريم، كقوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسرًّا}. وهذه الآية التي نحن بصددها {وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}. وقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها} وقوله: {رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ}. وقصر الصلاة في السفر، وإباحة الإفطار في رمضان لمن كان مريضا أو على سفر، إلخ. وفي الحديث الشريف قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم: {ما خيّرت بين أمرين إلا اخترت أيسرهما} وقوله «يسروا ولا تعسروا». إلخ.
ومنعه صحابته أن يتشادوا في الدين، وقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم: «أما واللّه إني لأخشاكم للّه، وأتقاكم له لَكِني: أصوم، وأفطر، وأصلي، وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي مني».
ومثل ذلك كثير نجده في كتب السيرة والكتب الصحاح.
.... المجتهدين ما معناه: من السهل على كل إنسان أن يتشدّد في الدين ما شاء، وأن يصدر الأحكام المضيقة على المسلمين، وليس في ذلك كبير فائدة. ولَكِن المطلوب، والذي لا يضطلع به إلا كل ذي قدرة متفوقة، وعقل راجح، هو التسهيل على المسلمين، وإيجاد المخارج من المآزق، والحلول الناجعة، للشؤون الطارئة، والمشاكل المستحدثة. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(22) سورة الحجّ مدنيّة وآياتها ثمان وسبعون.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

.[سورة الحج: الآيات 1- 4]:

{يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شيء عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَا أرضعت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وما هم بِسُكارى وَلَكِن عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (4)}.

.اللغة:

{مَرِيدٍ}: عات متجرّد للفساد قال الزجاج: المريد والمارد المرتفع الأملس وقال في القاموس وشرحه: المارد: العاتي المرتفع يقال بناء مارد أي مرتفع وهو مجاز وجمعه مردة وماردون ومرّاد، والمريد: الشديد المرادة والخبيث الشرير وجمعه مرد ومؤنثه مرداء يقال: مرد على جرد أي شبان مرد على خيول جرد.

.الإعراب:

{يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شيء عَظِيمٌ} {يا} أداة نداء و{أيها} منادى نكرة مقصودة مبني على الضم والهاء للتنبيه و{الناس} بدل من أي على اللفظ واتقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{إن زلزلة الساعة} إن واسمها و{شيء} خبرها و{عظيم} صفة لشيء وجملة {إن زلزلة الساعة} إلخ تعليلية لا محل لها من الإعراب وذلك لقوله: {اتقوا ربكم}. و{زلزلة الساعة} من إضافة المصدر إلى فاعله أو إلى مفعوله فعلى الأول كأنها هي التي تزلزل الأشياء على المجاز الحكمي وعلى الثاني على طريقة الاتساع في الظرف وإجرائه مجرى المفعول به كقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ}.
{يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَا أرضعت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها}.
الظرف متعلق بـ {تذهل} وجملة {ترونها} مضاف إليها الظرف وأجازوا فيه أوجها أخرى منها أن يكون متعلقا بعظيم أو باذكر مقدرة أو انه بدل اشتمال من {زلزلة} لأن كلا من الحدث والزمان يصدق عليه انه مشتمل على الآخر والضمير في {ترونها} عائد على {الساعة} أي القيامة ولأنها بهذه المثابة التي تقطع نياط القلوب، ويجوز أن يعود على الزلزلة ولعله أقرب لأنه في الدنيا، و{تذهل} فعل مضارع مرفوع و{كل مرضعة} فاعل والجملة في محل نصب على الحال من ضمير {ترونها} أي الهاء فإن الرؤية هنا بصرية حتما هذا إذا لم نجعل {يوم} متعلقا بتذهل فإن تعلق به لم تجز الحال وصارت الجملة مستأنفة أو أنها حال من الزلزلة أو من الضمير المستتر في عظيم أو من الساعة وان كانت مضافا إليها لأنها إما فاعل واما مفعول به، كما تقدم، ولابد عندئذ من تقدير ضمير محذوف أي تذهل فيها والمرضعة هي التي باشرت الأرضاع بأن ألقمت الرضيع ثديها والمرضع هي التي من شأنها أن ترضع سواء باشرت الأرضاع أم لم تباشره ففرقوا بينهما بالتاء المربوطة وسيأتي مزيد تفصيل لهذا السر في باب البلاغة وعما أرضعت متعلقان بتذهل وما موصولة أو مصدرية أي عن الذي أرضعته أو عن إرضاعها و{تضع كل} فعل مضارع وفاعل والجملة معطوفة على جملة {تذهل} و{ذات حمل} مضاف لكل و{حملها} مفعول به لتضع والحمل بفتح الحاء المهملة ما كان في بطن أو على شجرة وبالكسرة ما كان على ظهر.
{وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وما هم بِسُكارى وَلَكِن عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} الواو عاطفة {وترى} فعل مضارع معطوف على {ترونها} وإنما جمع في الأول وأفرد في الثاني لأن الرؤية الأولى علقت بالزلزلة أو الساعة وكل الناس يرونها أما الثانية فهي متعلقة بكون الناس سكارى فلابد من جعل كل أحد رائيا للباقي بقطع النظر عن اتصافه بالسكر وفاعل ترى مستتر تقديره أنت والناس مفعول به و{سكارى} حال والواو للحال و{ما} نافية حجازية و{هم} اسمها والباء حرف جر زائد و{سكارى} مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر {ما} والجملة في محل نصب على الحال من {الناس}، ويجوز في {سكارى} ضم السين وفتحها فهما لغتان وبهما قرئ، ولَكِن الواو عاطفة على محذوف مخالفة لما بعد لَكِن وهذا حكم مطرد لها والتقدير كما في البحر لأبي حيان: فهذه الأحوال وهي الذهول والوضع ورؤية الناس شبه السكارى هينة لينة ولَكِن عذاب اللّه شديد أي ليس لينا وسهلا فما بعد لَكِن مخالف لما قبلها. وسيأتي مزيد بحث لهذه الآية في باب البلاغة.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لذكر من غفل عن الجزاء في ذلك وكذب به والمناسبة بينها وبين ما تقدم من ذكر أهوال الساعة وزلزلتها واضحة ومن الناس خبر مقدم ومن نكرة موصوفة حتما وهي مبتدأ مؤخر أي ناس موصوفة بالجدل واللجاج والسفسطة والمكابرة لا تنفع فيهم العظات ولا تؤثر فيهم الدلائل وجملة يجادل في اللّه صفة لمن وأفرد الضمير مراعاة للفظ من ولو جمع مراعاة لمعناها لجاز وفي اللّه متعلقان بيجادل على حذف مضاف أي قدرته وصفاته ودينه و{بغير علم} حال من الضمير الفاعل في {يجادل} أي جاهلا متخبطا في متاهات الضلالة العمياء والجهالة النكراء.
{وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ} {ويتبع} عطف على {يجادل} و{كل} مفعول به و{شيطان} مضاف إليه و{مريد} صفة لشيطان ولابد من تقدير مضاف أي خطوات كل شيطان.
{كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ} {كتب} فعل ماض مبني للمجهول و{عليه} متعلقان به وأن وما في حيزها في محل رفع نائب فاعل و{من} اسم شرط جازم مبتدأ ويجوز أن تكون من اسم موصول مبتدأ و{فأنه} الخبر ودخلت الفاء لما في الموصول من رائحة الشرط وجملة {يضله} خبر انه وجملة الشرط أو الموصول خبر أنه وأجاز الزمخشري أن تكون {فأنه} معطوفة على الأولى وتعقبه أبو حيان فقال: وهذا لا يجوز لأنك إذا جعلت {فأنه} عطفا على انه بقيت انه بلا استيفاء خبر على أن كثيرين أيدوا الزمخشري في إعرابه ونرى أن ما اخترناه هو الأقرب للصواب، {ويهديه} عطف على {يضله} و{إلى عذاب السعير} متعلقان بيهديه.

.البلاغة:

1- في قوله تعالى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وما هم بِسُكارى}.
تشبيه بليغ فقد شبه الناس في ذلك اليوم العصيب بحالة السكارى الذين فقدوا التمييز وأضاعوا الرشد، والعلماء يقولون: إن من أدلة المجاز صدق نقيضه كقولك زيد حمار إذا وصفته بالبلادة والغباء ثم يصدق أن تقول وما هو بحمار فتنفي عنه الحقيقة فكذلك الآية بعد أن أثبتت السكر المجازي نفى الحقيقة أبلغ نفي مؤكد بالباء والسر في تأكيده التنبيه على أن هذا السكر الذي هو بهم في تلك الحالة ليس من المعهود في شيء وإنما هو أمر لم يعهدوا قبله مثله والاستدراك بقوله: {وَلَكِن عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} راجع إلى قوله: {وما هم بسكارى} وكأنه تعليل لاثبات السكر المجازي كأنه قيل: إذا لم يكونوا سكارى من الخمر وهو السكر المعهود فما هذا السكر الغريب؟ وما سببه؟ فقيل شدة عذاب اللّه تعالى.
2- وفي عدوله عن مرضع إلى {مرضعة} سرّ قل من يتفطّن له وهو ان المرضعة هي التي باشرت الأرضاع فعلا فنزعها الثدي من فم طفلها عند حدوث الهول، ووقوع الارتباك أدل على الدهشة وأكثر تجسيدا لمواطن الذهول الذي استولى عليها وهناك فرق آخر وهو أن وروده على النسب أي مرضع لا يلاحظ فيه حدوث الصفة المشتق منها ولَكِن مقتضاه انه موصوف بها وعلى غير النسب أي مرضعة يلاحظ فيه حدوث الفعل وخروج الصفة عليه وهذا من أسرار لغتنا التي تندر في اللغات.
وقال في المفصل: إن مذهب الكوفيين ان حذف التاء من حائض للاستغناء عنها وهذا يوجب إثبات التاء في محل الالتباس كضامر وعاشق وأيم وثيب وعانس. وهذا الاعتراض بيّن، وأما الاعتراض بإثبات التاء في الصفات المختصة بالإناث من امرأة معيبة وكلبة مجرية على ما في الصحاح فليس بسديد لأن ما ذكروه مجوز لا موجب لأنهم يقولون الإتيان بالتاء في صورة الاستغناء على الأصل كحاملة في المرأة قال في الصحاح: يقال امرأة حامل وحاملة إذا كانت حبلى فمن قال حامل قال هذا نعت ومن قال حاملة بناه على حملت فهي حاملة وأنشد لعمرو بن حسان:
تمخضت المنون له بيوم ** أتى ولكل حاملة تمام

فإذا حملت شيئا على ظهرها أو على رأسها فهي حاملة لا غير.